تفاصيل صفقة دفاعية ضخمة بين باكستان وليبيا تشمل طائرات مقاتلة من طراز JF-17

قسم البحوث والدراسات الاستراتجية الأمنية والعسكرية 23-12-2025

في تطور مفاجئ يثير تساؤلات حول فعالية العقوبات الدولية، كشفت تقارير إعلامية في ديسمبر 2025 عن إبرام باكستان واحدة من أكبر صفقات تصدير الأسلحة في تاريخها مع الجيش الوطني الليبي المتمركز شرق ليبيا.
وتقدر قيمة الصفقة بأكثر من 4 مليارات دولار وتشمل طائرات مقاتلة متطورة، ما يضعها في قلب الجدل حول مدى تطبيق حظر الأسلحة المفروض على ليبيا منذ 2011، وآثارها على المشهد العسكري في ليبيا.
تفاصيل الصفقة والأطراف المعنية
تتضمن الصفقة، التي أُبرمت بعد لقاء رفيع المستوى في مدينة بنغازي بين قادة عسكريين من الجانبين، مجموعة متنوعة من المعدات العسكرية:
- الطائرات المقاتلة: 16 طائرة مقاتلة من طراز JF-17 ثاندر، وهي طائرة متعددة المهام طوّرها البلدان بشكل مشترك.
- طائرات التدريب: 12 طائرة تدريب من طراز سوبر مشاك للتدريب الأساسي للطيارين.
- معدات إضافية: وفقًا للمسؤولين، تشمل الحزمة أيضًا معدات عسكرية لاستخدامات برية وبحرية وجوية أخرى.
البند الأساسي العدد ملاحظات
مقاتلات JF-17 16 طائرة متعددة المهام، تطوير باكستاني-صيني
طائرات تدريب سوبر مشاك 12 طائرة للتدريب الأساسي على الطيران
معدات برية/بحرية/جوية غير محدد جزء من الصفقة الشاملة
إجمالي القيمة المقدرة 4 – 4.6 مليار دولار تشمل التدريب والدعم والصيانة
أهمية الطائرات المقاتلة “JF-17”
تعد مقاتلة JF-17 حجر الزاوية التقني لهذه الصفقة، وتتميز بما يلي:
- قدرات متعددة المهام: طائرة مقاتلة خفيفة الوزن يمكنها تنفيذ مهام التفوق الجوي والهجوم الأرضي، بسرعة قصوى تصل إلى 1.6 ماخ.
- خيار اقتصادي وسياسي: تُسوّق باكستان الطائرة كبديل منخفض التكلفة مقارنة بالمقاتلات الغربية مع تقديم سلسلة توريد وتدريب مستقلة عن الغرب، وهو عامل جذب رئيسي للعملاء الذين يواجهون قيودًا سياسية.
- قابلية للتطوير: يمكن للطائرة حمل مجموعة متنوعة من الذخائر على نقاط تعليق خارجية متعددة، بما في ذلك صواريخ جو-جو متوسطة المدى والقنابل الذكية الموجهة بدقة.
السياق الليبي وانعكاسات الصفقة
يأتي هذا الاتفاق في وقت تعيش فيه ليبيا انقسامًا سياسيًا وعسكريًا حادًا بين حكومتين:
الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، والذي يسيطر على شرق وجنوب البلاد، بما في ذلك الحقول النفطية الرئيسية.
حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليًا في العاصمة طرابلس غرب البلاد، والتي يقودها رجل الاعمال عبد الحميد دبيبة
وتعتبر هذه الصفقة مهمة جدا ومن شأنها تعزيز القدرات الجوية للقوات الليبية وبهذه الطائرات المتطورة أن يغير موازين القوى الداخلية، حيث سيمنح قواته قدرة على تنفيذ ضربات جوية سريعة، ومراقبة مسلحة، وحماية البنية التحتية النفطية الحيوية، كما يوفر رادعًا في مواجهة انتشار الطائرات المسيرة في ساحات القتال الليبية.
تحدي حظر الأسلحة الدولي
تعتبر هذه الصفقة مثيرة للجدل لأن ليبيا لا تزال خاضعة لحظر توريد الأسلحة الذي فرضه مجلس الأمن الدولي. في فبراير 2011، والذي يتطلب الحصول على موافقته المسبقة لأي نقل للأسلحة أو المواد ذات الصلة إلى البلاد.
- موقف باكستان: أصر مسؤولون باكستانيون على أن هذه الاتفاقية لا تنتهك قيود الأمم المتحدة، في إشارة إلى أن هناك تعاونًا دوليًا أوسع مع أطراف ليبية.
- مخالفة للتقييمات الدولية: هذا الموقف يتناقض مع تقييمات خبراء الأمم المتحدة المتكررة التي تشير إلى أن فرض الحظر كان ضعيفًا وغير متسق، مما سمح بدخول أسلحة إلى ليبيا رغم المنع الرسمي.
- تدقيق مستقبلي: من المرجح أن تخضع شرعية الصفقة وتنفيذها لتدقيق دقيق من قبل الأمم المتحدة والجهات الدولية المعنية، خاصة في ظل وجود عملية “إيريني” التابعة للاتحاد الأوروبي لمراقبة حظر الأسلحة.
الأبعاد الاستراتيجية للصفقة
- لصالح باكستان: تمثل هذه الصفقة إنجازًا تاريخيًا لطموحات إسلام آباد في توسيع نطاق صادراتها الدفاعية. وهي تسعى لتعزيز صناعتها المحلية التي تشمل الطائرات والمدرعات والذخائر والاستفادة من السمعة القتالية لسلاح الجو الباكستاني في الأسواق العالمية، لا سيما في دول “الجنوب العالمي”
- تعزيز العلاقات الثنائية: تظهر الاتفاقية تقاربًا استراتيجيًا متناميًا بين الطرفين، حيث أنها تأتي بعد زيارة نائب القائد العام للجيش الوطني الليبي، صدام حفتر. إلى باكستان في يوليو 2025. كما أن الإطار المعلن يتجاوز بيع الأسلحة ليشمل التدريب المشترك والتعاون الصناعي، مما يشير إلى نية إقامة شراكة عسكرية طويلة الأمد.
صفقة الأسلحة الباكستانية الليبية، بقيمة 4 مليارات دولار، ليست مجرد عقد تجاري عادي، بل هي نقطة تحول معقدة ذات تداعيات متعددة المستويات.
فهي تعكس، من جهة، نجاح باكستان المتزايد في منافسة سوق التسلح العالمي بخيارات منخفضة التكلفة ومستقلة سياسيًا. ومن جهة أخرى، تطرح تحديًا صريحًا لفعالية نظام العقوبات الدولي في ليبيا. مما قد يفتح الباب أمام مزيد من التدفقات العسكرية في مستقبل البلاد المليء بالانقسام.
الأثر النهائي للصفقة سيعتمد على قدرة باكستان على تنفيذها فعليًا وسط الضغوط السياسية، وعلى كيفية توظيف الجيش الوطني الليبي لهذه القدرات الجديدة في المعادلة الأمنية الداخلية الهشة. وهو ما سيكون محط مراقبة وقلق إقليمي ودولي كبير في الفترة القادمة.



