أخبار العالمالشرق الأوسطبحوث ودراسات

تصدّعات تضرب مجلس التعاون الخليجي: إسرائيل والإمارات في مواجهة النفوذ السعودي

الامارات_إسرائيل يعملان على الضغط على المملكة العربية السعودية

 بحسب ما نقله موقع “ميدل إيست مونيتور” عن مسؤول رفيع المستوى ينتمي إلى إحدى العائلات المالكة الخليجية، فإن المنطقة تشهد صراعات خفية وتحالفات متغيرة، تتجاوز في حدّتها الخلافات التقليدية، وتلامس حدود الصراع الجيوسياسي الوجودي بين قوى إقليمية يفترض أنها حليفة.

المسؤول الخليجي، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، فجر ما وصفه مراقبون بـ”مفاجأة من العيار الثقيل”، كاشفاً عن تعاون سري ومتنامٍ بين إسرائيل ودولة الإمارات العربية المتحدة، يهدف – وفق روايته – إلى تقويض الدور السعودي التقليدي بوصفه القوة الإقليمية المهيمنة في الخليج.

واعتبر أن هذا التحالف غير المعلن يسعى إلى إعادة تشكيل موازين القوى في المنطقة، ومعاقبة الرياض على ما وُصف بـ”بطئها” في الانخراط الكامل في مسار التطبيع مع إسرائيل، لا سيما عبر اتفاقيات “أبراهام”.

ووفق المصدر، فإن إسرائيل باتت تنظر إلى أبوظبي كشريك استراتيجي بديل، قادر على لعب دور محوري في هندسة شرق أوسط جديد، تكون فيه الأفضلية للدول الأكثر انسجاماً مع المشروع الإسرائيلي – الأميركي، والأكثر استعداداً للانخراط في التطبيع من دون شروط سياسية كبرى، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

وأضاف أن الصور التي تُسوَّق عن تماسك البيت الخليجي ليست سوى واجهة إعلامية مصقولة بعناية، تخفي خلفها تنافساً مريراً، وصراعات نفوذ، و”خيانات متبادلة” بين العواصم الخليجية.

وفي توصيفه للمشهد، قال المسؤول إن “القواعد القديمة لم تعد قائمة، ولا توجد خطوط حمراء أو عواقب واضحة”، معتبراً أن التوافق الخليجي لم يعد سوى وهم، وأن الوقوف الجماعي للأمراء وولاة العهد في القمم لم يعد يعكس حقيقة ما يجري خلف الأبواب المغلقة. وبرأيه، فإن “إسرائيل” تنشط اليوم في استغلال هذه التصدعات، وتسعى إلى توظيفها لإعادة رسم خريطة النفوذ الإقليمي على حساب السعودية.

تحولات الولاءات داخل الخليج

يشير المصدر إلى أن توقيع الإمارات والبحرين على اتفاقيات “أبراهام” عام 2020 شكّل نقطة تحول مفصلية في العلاقات الخليجية–الإقليمية، إذ فتح الباب أمام إعادة تموضع سياسي لعدد من الدول، من بينها الكويت، التي يُقال إنها بدأت تقترب تدريجياً من أبوظبي، على حساب علاقتها التقليدية مع الرياض.

ويرى أن هذا التحول لا يمكن فصله عن الحسابات الإسرائيلية الهادفة إلى إزاحة السعودية تدريجياً من موقعها المركزي في الخليج، واستبدالها بمحور جديد أكثر انسجاماً مع أجندة التطبيع.

وفي هذا السياق، يقول المصدر أن إسرائيل عرضت، في إطار محاولات توسيع نفوذها، تقديم مساعدات أمنية تتعلق بــ”تحييد” معارضين في الخارج، في إشارة إلى تقارب غير مسبوق في الملفات الأمنية الحساسة.

واعتبر أن المشهد الإقليمي بات أشبه بـ”لعبة كراسي موسيقية”، حيث تعيد الدول ترتيب تحالفاتها بصورة متسارعة، في ظل تراجع الثوابت التقليدية. كما لفت إلى احتمال عودة التقارب السعودي–القطري، في مقابل سعي الإمارات إلى حشد حلفاء يدعمون مسار التطبيع، مع بقاء الملف اليمني أحد أبرز ساحات التوتر بين الرياض وأبوظبي.

وتضع هذه التسريبات الكويت في موقع بالغ الحساسية، إذ يرى المصدر أن هذه التطورات تمثل ضربة سياسية لأمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، الذي يواجه – بحسب الرواية – تراجعاً في شعبيته الداخلية، بالتزامن مع استعدادات رسمية لإحياء الذكرى الثانية لتوليه الحكم. ويضيف أن قرارات داخلية مثيرة للجدل، أبرزها تعليق العمل بالديمقراطية الدستورية في مايو 2024، ساهمت في تسريع هذا التحول في السياسة الكويتية.

من التنافس إلى الاستقطاب

تخلص التسريبات، كما يعرضها “ميدل إيست مونيتور”، إلى أن الصراع المكتوم بين السعودية والإمارات لم يعد مجرد تنافس اقتصادي أو اختلاف في الرؤى التنموية، بل يتجه نحو صراع جيوسياسي أعمق، تستخدم فيه أدوات استخباراتية وتحالفات خارجية عابرة للحدود.

وتُظهر هذه المعطيات أن مفهوم “البيت الخليجي الواحد” بات مهدداً بالتفكك، مع احتمال انقسام المجلس إلى معسكرين: أحدهما محافظ تقوده السعودية، وقد تنضم إليه قطر وعُمان، وآخر يدفع نحو التغيير الجذري والتطبيع، تقوده الإمارات ومعها البحرين والكويت.

النقطة الأكثر حساسية في هذه التسريبات تتمثل في الدور الإسرائيلي المتنامي بوصفه أداة ضغط على الرياض، في ظل ضيق واشنطن وتل أبيب بما يُعرف بـ”المقايضة السعودية” التي تربط التطبيع بضمانات أمنية وبإقامة دولة فلسطينية.

 ويُنظر إلى استخدام الإمارات منصةً لتقليص النفوذ السعودي على أنه جزء من محاولة لهندسة نظام إقليمي جديد، ما يضع المملكة في موقع دفاعي معقد.

في هذا السياق، يظل اليمن ساحة الصراع الأبرز، حيث تتقاطع المصالح وتتضارب الأجندات، بينما يفتح ملف المعارضين في الخارج باباً واسعاً للتوتر، ويثير مخاوف من تداعيات قانونية ودولية في حال تأكد استخدام أساليب أمنية عابرة للحدود.

وإذا ما صحت هذه التسريبات، فإن الخليج قد يكون أمام مرحلة إعادة تشكيل شاملة للولاءات والتحالفات، أشبه بـ”سايكس–بيكو” سياسية جديدة، لن تقف السعودية حيالها مكتوفة الأيدي، ما ينذر بتحولات أعمق في خريطة المنطقة خلال السنوات المقبلة.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق