أخبار العالمأمريكا

ترامب بين نيران الضغط الإسرائيلي وتردد القرار العسكري: حسابات الحرب تتصاعد في ظل ضبابية استراتيجية البيت الأبيض

واصلت إسرائيل هجماتها الليلية على أهداف إيرانية لليلة السابعة على التوالي، بينما أبقى الرئيس الأميركي دونالد ترمب مواقفه غامضة تجاه احتمال انخراط واشنطن المباشر في هذا التصعيد، ملوحًا بإمكانية اللجوء إلى القوة العسكرية “إذا كان الخيار بين القتال وامتلاك طهران قنبلة نووية”. وقد أثارت هذه التصريحات جدلاً واسعًا حول حقيقة نوايا الرئيس الأميركي: هل يُبقي الغموض متعمدًا كورقة ضغط، أم أن تردده يعكس انقسامًا داخليًا حقيقيًا في صنع القرار؟

أعلنت شبكة “سي إن إن” أن ترمب سيطّلع، خلال عطلة رسمية في البلاد، على مستجدات الحرب في غرفة العمليات، وسط تضارب في التقديرات حول مدى اقترابه من اتخاذ قرار مصيري. ووفقًا لتحليل الشبكة، فإن أداء الرئيس بدا مضطربًا وغير تقليدي، إذ تخلو خطاباته من التخطيط المعهود في إدارة الأزمات الأمنية الكبرى، وتركز على عنصر “عدم القدرة على التنبؤ” الذي يراه ترمب ميزة استراتيجية.

ويواجه ترمب انتقادات حادة من خصومه الديمقراطيين الذين وصفوا خطابه بشأن إيران بأنه “غامض وغير دقيق”، وسط غياب شفاف لأي مبررات رسمية لتغيير الموقف الأميركي من امتلاك طهران سلاحًا نوويًا. كما أن الحديث عن شن ضربة دون تفويض من الكونغرس أثار مخاوف دستورية بشأن قانونية أي عمل عسكري مرتقب.

في هذا السياق، تعزز واشنطن انتشارها العسكري في المنطقة، إذ تتجه مجموعة ثالثة من حاملات الطائرات نحو الشرق الأوسط، ما يشير إلى تصعيد محتمل رغم تصريح ترمب المتكرر برغبته في تجنب الحروب المفتوحة مثل أفغانستان والعراق. ومع ذلك، فإن مخاوف حلفائه في الداخل والخارج من عواقب كارثية لمثل هذه الضربة، لا تزال تشكل كابحًا رئيسيًا.

من جهة أخرى، عبّر كبار المشرّعين، مثل السيناتور مارك وارنر، عن قلقهم من غياب أي وضوح في السياسة الأميركية تجاه إيران، رغم وصولهم إلى أعلى مستويات الاطلاع الاستخباراتي. بينما تساءلت السيناتورة إليسا سلوتكين عن مدى جاهزية الإدارة لليوم التالي في حال تطورت الأمور إلى مواجهة عسكرية شاملة، في ظل انعدام المؤشرات على وجود خطط انسحاب أو إعادة إعمار أو استقرار.

دبلوماسيًا، يفتقر ترمب لأي قناة مفتوحة مع طهران، متمسكًا بمطالب قاسية تعتبرها إيران “غير قابلة للتفاوض”، ما يعقّد أي جهود للوساطة أو لفتح نافذة سياسية. وفي تصريح من نائب وزير الخارجية الإيراني، مجيد تخت روانجي، رفضت طهران أي حديث عن تفاوض في ظل “العدوان والوحشية المستمرة”.

في المحصلة، يبدو أن الغموض الذي يلف موقف ترمب ليس مجرد تكتيك، بل يعكس أزمة حقيقية في بلورة استراتيجية أميركية متماسكة تجاه ما قد يكون أخطر تصعيد إقليمي منذ عقود. وبين ضغوط إسرائيلية للتحرك العسكري وتحذيرات داخلية من التورط في حرب جديدة، يبقى مستقبل المواجهة مع إيران رهين حسابات اللحظة الأخيرة التي يفضلها الرئيس الأميركي شخصيًا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق