آسياأخبار العالمالشرق الأوسطبحوث ودراسات

بعد المنتدى العربي الصيني تصاعد آمال السوريين لإنقاذ الإقتصاد وتفعيل الشركات الصينية السورية

العلاقات ما بين سوريا والصين ليست بالحديثة، وقد وصلت اوجها في العام 2004، وقد ابتدأت هذه العلاقة منذ العام 1956.

ولكن هذه العلاقة تجددت في عهد الرئيس السوري بشار الأسد. وابتدأت مع زيارة الرئيس الصيني، “هو جيتاو”، لسوريا في العام 2001.

 أعقب ذلك زيارة رسمية للرئيس الأسد وعقيلته برفقة وفد وزاري كبير في العام 2004.

ولسوريا حضوة كبيرة لدى القادة والزعماء الصينين فهي تنظر إليها على أنّها دولة ذات سيادة وطنية ومركزية وأنّ الهيمنة الأمريكية والغربية تعتبر ضعيفة جدا مقارنة بمنطقة الشرق الأوسط، حيث التقت عام 2002 أهداف السياسة الخارجية السورية مع مبادئ جمهورية الصين الشعبية.

 وبعد الزيارات متبادلة ما بين الوفود الصينية والسورية تم توقيع اتفاقيات للسنوات 2004- 2006.

وبلغت قيمة التبادل التجاري ما بين الدولتين في الأعوام 2010، 2012 ما قيمته 3.5 مليار دولار.

في العام 2004، أطلق الرئيس الأسد نظرية “البحار الخمسة”، والتي تربط الدول العربية وما يسمى اليوم بغرب آسيا مع دول بحر قزوين بأهم خطوط للتجارة العالمية ونقل الغاز مما سيحول سوريا إلى قاعدة لنقل الغاز ومنطقة تجارة حرة تصل الشرق بالغرب عبر ربط البحار الخمسة وهي: بحر قزوين والبحر المتوسط والبحر الأحمر والخليج العربي والبحر الأسود… وهذا ما أثار غضب “الإحتلال الصهيوني” وراعيته الأمريكان والغرب.

وفي المقابل استحسنته الصين ورأت فيه إحياءً لطريق الحرير القديم لتشكيل أطول ممر اقتصادي رئيسي في العالم.

وفي الحقيقة من هنا انطلقت فكرة “نطاق وطريق”، التي ابتدأها الرئيس الصيني الحالي “تشي جين بينغ” في العام 2014، والتي للأسف لم تلحظ سوريا حينها بسبب انعدام الأمن فيها بسبب الحرب الدائرة على أراضيها وخاصة زراعة الإرهاب الدولي على الأراضي السورية لإحباط مشروع “طريق الحرير” وللإطاحة بنظام الأسد المناهض للغرب والأمريكان والمناصر للقطب الشرقي.

ومن الجدير ذكره، أن “نظرية البحار الخمسة” جاءت في وقت تحتل فيه الولايات المتحدة العراق وتحاول فيها فرض سيطرتها على كامل خطوط النفط والغاز والتجارة العالمية وجعل دولة الكيان الصهيوني المركز الأساس لتوزيع أنابيب الغاز حول العالم، ولذلك فإن ما كان يحاول الرئيس الأسد تنفيذه عبر طرحه، يعد من أهم أسباب محاولات الإنقلاب على النظام في سوريا عبر ما يسمى بالربيع العربي “الإرهابي” المصطنع، لأنه لو تم تنفيذ المشروع السوري، فإن ذلك سيتسبب بعزل دولة الكيان الصهيوني اقتصادياً بشكل كامل في المنطقة العربية وفي غرب آسيا، وهذا ما لا تقبله أمريكا وأتباعها من الغرب وحتى من العرب وخاصة الدول المجاورة ودول المنطقة الإقليمية لسوريا حيث ساهموا في تنفيذ المشروع الأمريكي الصهيوني بتدمير سوريا.

وبحسب تقارير ومصادر موثوقة ومع تطوّر العلاقات السورية الصينية، ابتدأت سوريا بإستيراد الأسلحة من الصين خلال فترة الركود التي شهدتها روسيا بعد تفكك الإتحاد السوفياتي، وبدأت بالبحث عن أفضل مصدر لإعادة بناء ترسانتها الحربية، وعملية الشراء نفذت في العام 2014 عندما كانت سوريا في أحوج وقت لإعادة تسليح الجيش خلال حربها على الإرهاب، وهذا ما أغضب كثيرا أمريكا وحلفائها.

ولكن خلال السنوات الإرهاب المصطنع والإحتلال الأمريكي لسوريا وخاصة ما بعد سنة 2014، تراجع مستوى التبادل التجاري ما بين الصين وسوريا ليصبح حوالي 350 مليون دولار فقط.

 وبعد القضاء على الإرهاب في سوريا ونجاحها في إفشال المخطط الصهيوني الأمريكي بدأ التبادل التجاري الصيني السوري يعود تديريجيا خاصة في ما بعد سنة 2020.

 عودة التبادل التجاري السيني السوري عاد بنسبة استيراد أكبر بكثيير من نسبة التصدير مما يضع عبئاً حقيقياً على الدولة والمواطن السوري.

وبحسب موسوعة المصدر السوري، فإن قيمة التبادل التجاري ما بين الجمهورية العربية السورية وجمهورية الصين الشعبية، على سبيل المثال، في العام 2020 حيث استوردت سوريا ما قيمته 671 مليون دولار استيراد في حين صدرت ما قيمته 700 ألف دولار فقط.

 واستمرت نسبة هذا التبادل حتى العام 2022، حيث بلغت قيمة ما استورد 1.117 مليار دولار في حين صدرت الدولة السورية ما قيمته 1.6 مليون دولار فقط. بالتأكيد فرق شاسع، ويعكس تراجعاً كبيراً في قيمة التبادل التجاري السوري.

وقد تراجعت قيمة التبادل في العام 2023، حيث بلغ حجم التبادل التجاري مبلغاً قدره 358 مليون دولار، منها مليونان دولار قيمة الصادرات السورية.

صحيح أن حجم التبادل بلغ أقل قيمة له في العام 2023، إلا أنه يعكس أمرين أحدهما سيء وآخر جيد بالنسبة لسوريا. الأمر السيء، يدل على ضعف القدرة الشرائية على مستوى الدولة والمواطن في الظاهر، ولكنه، وهذا ما يتعلق بالأمر الجيد، يدل على أن سوريا تستعيد جزء هام من قدرتها على إعادة تصنيع وانتاج ما تحتاجه.

كما أن الأمر له علاقة بقرار صادر عن رئاسة الجمهورية، بإعطاء الأهمية الأساسية لما يحتاجه المواطن السوري وبالتالي لا يسمح إلا بتصدير ما يزيد عن حاجة سوريا.

 وعلى سبيل المثال وبعد انخفاض نسبة الصادرات الغذائية السورية إلى لبنان، فقد تسبب بارتفاع كبير في أسعار المنتجات الزراعية بشكل ملحوظ، مع أننا نشهد تحسن ملحوظ في قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار.

عبرت الصحافة السورية خلال الشهر الماضي عن الكثير من الآمال بعد مشاركة سوريا في المنتدى الصيني العربي.

ويرى السوريين أن تطوّر العلاقات مع الصين سيحمل انفراجا كبيرا في الأزمة الإقتصادية الكبيرة التي تفاقمت بعد عملية التحرير الكبرى التي شهدتها سوريا بعد العام 2018، وفرض قانون قيصر الأمريكي الجائر في العام 2019، والذي دعّم بإقرار مجلس النواب الأميركي في 16 مايو من العام نفسه بما يسمونه “قانون مناهضة التطبيع مع الأسد”.

هذا الضغط الإمبريالي المتوحش الذي تعاني سوريا من هيمنته الإقتصادية يرى المستثمررون أنّ الصين هي الملجأ الحقيقي والواقعي للخروج من هذه “المظلمة الإقتصادية” المسلطة على الدولة والشعب السوري وذلك من خلال بدأ الإستثمارات الصينية.

في متابعة للأحداث بعد زيارة الرئيس السوري بشار الأسد للصين في سبنتمبر 2023، واستقباله بحفوة تحدث عنها العالم، وبعد الإنفتاح العربي على سوريا، والذي لم يحمل للسوريين ما كانوا يأملون، بات الشرق وأقصى الشرق الباب المغلق لنهوض الحركة الإقتصادية السورية، وذلك يعود لأسباب يطول شرحها ومن أهمّها أنّ العالم العربي بدوره يتخبط في مستنقع التبعية الإقتصادية والهيمنة السياسية للأمريكان وحلفائهم الذين احتجوا كثيرا على رجوع سوريا الى الحضن العربي.

ومخطط الأمريكان وحلفائهم هو تجويع الشعب السوري ومعاقبته لأنه يقف مع قيادته، وبالتالي من الفترة للأخرى نسمع بالعماليات الإرهابية التي تقوم بها مليشيات الأمريكان والضربات في الشمال التي تقوم بها تركيا والإعتداءات الصهيونية من أجل تعطيل الإستثمار والرجوع بالإقتصاد وخاصة  بث الرعب و”طرد المستثمرين” والحول دون إعادة الإعمار في سوريا.

 فهي عماليات إرهابية ممنهجة من الإحتلال الأمريكي والغربي والتركي… يريدون بقاء سوريا في تبعية وخاصة طرد الشريك والحليف الصيني لأنهم يدركون تمام الإدراك أنه قادر بالرجوع وإنقاذ الإقتصاد السوري.

وبالتالي تدرك القيادة السورية أنه لا أمل في العرب ولا في الشرق، بل يجب الذهاب الى المعسكر الصاعد والواعد والذي لا يتأثر بالإملاءات الغربية والأمريكية وهي الصين وروسيا وإيران…

وحضور سوريا في المنتدى العاشر الصيني العربي ملفت جدا في الأوساط الإعلامية السورية وحتى لدى المختصين والمحللّيلين الذين أعتبروا الحضور ستكون له ثمار ملموسة وعلى أرض الواقع.

كما تصادف توقيت المؤتمر مع زيارة قام بها وزير الطاقة في والمياه في لبنان، وليد فياض، إلى سوريا واجتماعه مع وزير المياه السوري، حسين جميل مخلوف، من أجل بحث طرق استثمار مياه النهر الكبير الشمالي والذي يقع على الحدود الشمالية ما بين سوريا ولبنان والذي تتسبب فيضانات مياهه بإتلاف الزراعات في سهل عكار في لبنان.

وهنا تحضر التوصيات التي طلبها المؤتمر وهي السرعة في تنفيذ الإتفاقيات وخاصة وأن الصين قررت رفع مستوى وارداتها من المواد الغذائية التي تستوردها من البلدان العربية، فقد أكدت خلاصات المنتدى العربي- الصيني على حاجة الصين لإستيراد المواد الغذائية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق