أخبار العالم

آخر السلاطين ومحاولاته العبثية لإحياء إمبراطورية العثمانيين

القاهرة – مصر- 02-01-2020

نشرت صحيفة الشروق المصرية مقالا للكاتب الصحفي اللبناني ‘طلال سلمان’ جاء فيه:

قبل سنوات تسنى لي أن ألتقى “السلطان” أردوغان فى بيته الريفي في بعض ضواحي أنقرة.

كان علينا أن ننتظر أردوغان دقائق طويلة قبل أن “يهل” علينا وهو لا يزال يهتم بتسريحة شعره، ويطمئن إلى “انضباط” ربطة عنقه وجوانب سترته وكأنه ذاهب إلى عرض أزياء رجالي. سلم علينا، ساطع نور الدين وأنا، بأطراف أصابعه، وقال إنه كان في لبنان منذ فترة وجيزة، ليطمئن على “رعايا السلطنة” ممن تبقّى في بعض أنحاء لبنان، ولا سيما فى عكار.

تحدث عن منطقتنا العربية وكأنه ما زال يحكمها من موقع السلطان، وله حق تعيين الولاة وعزلهم.. وعندما ظهرت على وجهي ملامح الإعتراض، قال بثقة: التاريخ ظالم، يكتبه كذبة ويصدقه جهلة، لكن صناعه لا يهتمون! اليوم، ومع كل صباح، يفاجئك السلطان بتحرك يؤكد لك أنه يعمل، ليلا ونهارا، لاستعادة “أملاك السلطنة” وأمجادها..

تجده محاربا ضد سوريا وبذريعة إإبادة” أكرادها المشاغبين.. وتجده “محاربا” ضد اليونان، بسبب الخلاف على جزيرة قبرص الذي أدى إلى تقسيم الجزيرة الصغيرة إلى “دولتين” أو “بلدتين”، الأولى احتضنها حلف الأطلسي، و”دولة” أخرى خربة ولكنها تؤكد “عظمة” السلطان..

وتجده مقاتلا فى ليبيا البلا دولة، منحازا لسلطتها “الأممية”، منذرا بإرسال جيشه إليها للقتال ضد قوات الجيش الوطنى الليبي، الذي تتقدم أرتاله المصفحة في اتجاه طرابلس.. بينما “السلطان” يزور تونس فيستقبله رئيسها الديمقراطي مكرها، ويرفض بلطف عرضه المشاركة في “تحرير ليبيا”..

بينما “السلطان” يتحدث عن ليبيا وما جاورها وكأنها لا تزال من أملاك السلطان!

وأشار إلى ليبيا وتونس وأنحاء أخرى بعض تلك الأملاك، وهاجم النظام في مصر لأنه يعارض طموحاته في ليبيا ويعمل ضد “حقوق السلطنة” في أملاكها خلف البحار! “السلطان” متعدد الوجوه والمواقف.. إنه ينافق العدو الإسرائيلي ويكاد يطلب إليه أن يحالفه، برغم الإهانات الجارحة التي وجهها إليه هذا العدو عندما استأجر بعض المتطوعين باخرة صغيرة تركية وتوجهوا فيها نحو شاطئ غزة حاملين بعض المؤن لشعبها حيث واجههم الجنود الإسرائيليون بالرصاص.. وهو يستقبل قادة الإخوان المسلمين الهاربين من مصر، مما يستفز النظام في القاهرة.

كذلك فهو يريد أن يكون عضوا فاعلا في حلف الأطلسى بشروطه المستحيلة، وهو “حليف مخلص للولايات المتحدة الأمريكية”، ولكن في الوقت ذاته يريد شراء الصواريخ الروسية بعيدة المدى! إنه “السلطان”..مع وعيه بأن أيام السلاطين قد انتهت إلى غير رجعة لكن “السلطان” يحب العواصف: لذلك يتقدم لاحتلال بعض شمالي سوريا متحاشيا الصدام مع الجيش الروسي الذي يساند الجيش السوري.. ويحاول الوصول إلى آبار النفط في شرقي سوريا لكن العسكر الأمريكي يسبقه إليها..
يقاتل الأكراد في سوريا، و”يتحالف” معهم فى العراق، و”ينافقهم” في تركيا متحاشيا استفزازهم مما سيضيف أسبابا لاعتراضهم على نصيبهم في السلطة تحت رعاية “السلطان”. الأيام ستحدد مصير آخر السلاطين بعدما زالت السلطنات جميعا من الوجود…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق