الفوضى في ليبيا تنعش عصابات الإرهاب جنوب الصحراء
تعكس تصريحات قادة بلدان الساحل والصحراء قلقا كبيرا إزاء المخاطر التي أصبحت تشكلها التنظيمات المسلحة في منطقة جنوب الصحراء،والتي توسعت عملياتها الإرهابية بصفة ملحوظة لتشمل عدة بلدان منذ الفوضى التي أعقبت إسقاط نظام العقيد معمر القذافي عام 2011 عقب تدخل حلف شمال الأطلسي،حيث استغلت عصابات التهريب والإرهاب تلك الفوضى وحالة الفراغ الأمني لتهريب كميات كبيرة من السلاح عبر مسالك الصحراء.
وفي هذا المقام،أكد رئيس النيجر، محمد إيسوفو، الأحد، أن بلاده تحارب على ثلاث جبهات، هى منطقة بحيرة تشاد ضد جماعة بوكو حرام، وعلى الحدود الشمالية مع ليبيا التي لم يعد لها أية سيطرة عليها، وأخيرا الحدود الغربية مع مالي ضد التنظيمات الإرهابية والإجرامية.
وقال إن انعقاد القمة غير العادية، للدول الأعضاء في المجموعة الإقتصادية لغرب إفريقيا حول الإرهاب في واغادوغو في 14 سبتمبر المقبل، يأتى إدراكًا لخطورة الوضع الأمني في الغرب الإفريقي الذي يعاني مرارة إرهاب التنظيمات المسلحة، مشيرا إلى تعاظم سطوة الجماعات الإرهابية بانهيار الدولة الليبية إبان أحداث فبراير 2011 بعد الإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي وهو ما وصفه رئيس النيجر بـ”الخطأ الفادح الذي تورطت فيه قوى غربية”.
وتابع محمد إيسوفو قائلًا: إن المواجهة مع الجماعات الإرهابية باتت تمتد إلى جنوب إقليم غرب إفريقيا، ولم تعد هناك أية دولة ساحلية بعيدة عن خطر التنظيمات الإرهابية، والتي تتحرك بطريقة سهلة وكبيرة للغاية في تلك المنطقة .
وأوضح إيسوفو في مقابلة مع مجلة جون أفريك الفرنسية، أنه لا يوجد سوى حل واحد للأزمة الليبية، وهو استعادة الدولة، معتبرا أن هذا الهدف يجب أن يكون هو الأولوية الملحة في الوقت الراهن قبل مسألة إجراء الإنتخابات، مشددا على أنه يقف إلى جانب ليبيا، وسيمنح دعمه الكامل للشخص الذي سيستعيد الدولة الليبية من براثن الفوضى.
من جهته،أكد رئيس بوركينا فاسو، روك كابور، أنه” من الصعب فصل قضية الإرهاب في الساحل الإفريقي عن الأزمة الليبية”.
وأضاف رئيس بوركينا فاسو، في تغريدة له ،أن “تحقيق الأمن في العالم يبدأ من منطقة الساحل”، داعيا قادة مجموعة السبع المجتمعين في بياريتز بفرنسا،إلى تبني موقف واضح لإحلال السلام والإستقرار في ليبيا.
وكان الرئيس التشادي، إدريس دبي، قد قد أطلقة صيحة فزع في 15 أغسطس الجاري،بسبب تدفقات السلاح الليبي، التي قدرها بـ 22 مليون قطعة تسربت إلى جنوب الصحراء الكبرى، في حين أكد وزيره للأمن أن”الحدود مع ليبيا غير خاضعة للمراقبة”.
ومنذ 2011 شكلت حدود ليبيا مع الجزائر ومالي والنيجر وتشاد معبـرا رئيسيا للأسلحة،وتولت عصابات منظمة من قبائل التوارق بيعها،ومن بينها أسلحة ثقيلة
وراجمات صواريخ وقنابل ومتفجّـرات، وملايين قطع سلاح “كلاشنيكوف” حيث تنشط عبر الصحراء الكبرى مجموعة من التنظيمات الإرهابية التي تقيم علاقة وثيقة بنظيراتها في ليبيا، مثل جماعة التوحيد والجهاد، وتنظيم القاعدة وداعش وجبهة ماسينا، وبوكو حرام، بالإضافة إلى جماعات مسلحة محلية ذات طابع عرقي وقبلي
وكانت تقارير استخباراتية غربية وإفريقية قد تحدثت خلال السنوات الماضية عن أن جماعة بوكو حرام استطاعت تأمين طريق لتهريب السلاح من ليبيا إلى نيجيريا عبر تشاد لتنفيذ عملياتها في عديد دول المنطقة ،إذ قتلت هذه الجماعة في شهر مارس الماضي 23 جنديا تشاديا .
وتعد مصر من الدول التي تتعامل بنشاط مع بلدان تجمع الساحل والصحراء لدعم قدراتها العسكرية وتأمين الحدود المشتركة لدول الجوار الليبي، بعد أن تحول جنوب ليبيا إلى مرتع للكثير من الجماعات المسلحة.
ويعتبر عديد المتابعين لتطور الأوضاع في الشمال الإفريقي ودول جنوب الصحراء،أن معارك طرابلس لدخر الميليشيات ،وقيام الجيش الوطني الليبي بتطهير الجنوب الليبي من التنظيمات الإرهابية والجيوب المسلحة وعصابات التهريب والإتجار بالبشر، ستكون لها انعكاسات مباشرة على منطقة الساحل، للحد بشكل ملحوظ من تمدد الجماعات الإرهابية ومحاصرة تحركاتها وتجفيف منابع تمويلها وتسليحها