أخبار العالمأمريكاأوروباالشرق الأوسط

الدعم الغربي لإسرائيل من المساعدات العسكرية إلى تمويل البحث العلمي: شبكة متكاملة تغذي آلة الحرب وتعمّق الانقسام الشعبي في أوروبا

حولت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي دعمهما إلى رافعة استراتيجية مكّنت جيش الاحتلال الإسرائيلي من تعزيز تفوقه العسكري والأمني بشكل غير مسبوق. فقد ضخت واشنطن مليارات الدولارات سنوياً كمساعدات عسكرية مباشرة، زوّدت خلالها إسرائيل بأحدث أنظمة الأسلحة والاستخبارات، فيما صعدت أوروبا لتصبح المستورد الأول للأسلحة الإسرائيلية عام 2024 بنسبة 54% من إجمالي الصادرات، بقيمة بلغت 8 مليارات دولار، مقارنة بـ35% فقط في 2023. هذا التصاعد ارتبط بشكل وثيق بتداعيات الحرب الأوكرانية الروسية التي زادت من الطلب الأوروبي على التكنولوجيا العسكرية الإسرائيلية.

امتد الدعم الغربي ليشمل البحوث والجامعات، حيث حصلت إسرائيل بين 2014 و2020 على 1.28 مليار يورو من برنامج “هورايزون 2020″، وأكثر من 747 مليون يورو من “هورايزون يوروب”، وهي أموال موجهة رسمياً للبحث العلمي لكنها استُخدمت في تطوير أنظمة عسكرية متقدمة مثل المسيّرات وتقنيات الحرب الإلكترونية. شركات كبرى مثل “رفائيل” و”إلبيت سيستمز” استفادت من هذه التمويلات لتجربة أسلحتها عملياً في الأراضي الفلسطينية قبل تسويقها باعتبارها “مجرّبة ميدانياً”.

في المقابل، عبّرت أصوات شعبية وأكاديمية غربية عن رفضها لاستخدام أموال دافعي الضرائب في تمويل الاحتلال. ففي يوليو الماضي، وقّع أكثر من ألفي أكاديمي و45 مؤسسة أوروبية على عريضة تطالب بوقف التعاون البحثي مع الجامعات الإسرائيلية، كما ألغت إسبانيا صفقة أسلحة بقيمة 325 مليون دولار مع شركة “رفائيل” احتجاجاً على استخدامها في حرب غزة. ومع ذلك، واصلت الحكومات الأوروبية ضخ الأموال مبررة ذلك بذريعة “الأمن القومي” والتحديات الجيوسياسية.

انعكس هذا الدعم المباشر في تحقيق صادرات الأسلحة الإسرائيلية رقماً قياسياً عام 2024 بلغ 14.8 مليار دولار، أي بزيادة 13% عن العام السابق. أنظمة الدفاع الجوي مثل “القبة الحديدية” و”مقلاع داوود” استحوذت على نحو نصف هذه الصادرات، فيما شملت البقية المركبات المدرعة والتقنيات الفضائية والإلكترونية.

لكن توقف هذا الدعم سيؤدي إلى أزمة بنيوية تضرب الاقتصاد والأمن الإسرائيلي، إذ تعتمد الصناعات الدفاعية بشكل كبير على الأسواق الأوروبية والتمويل الأميركي، كما يستند البحث العلمي إلى المنح الخارجية. أي خلل في هذه المنظومة سيقلّص قدرة الاحتلال على تطوير أسلحته والمحافظة على تفوقه.

يتضح من ذلك أن الدعم الغربي ليس مجرد انحياز سياسي، بل منظومة متكاملة جعلت إسرائيل مركزاً عسكرياً متقدماً على حساب المدنيين في المنطقة وأموال دافعي الضرائب في الغرب. غير أن تنامي الاحتجاجات الشعبية والأكاديمية قد يشكّل مستقبلاً ورقة ضغط حقيقية لوقف هذه المساندة، ما قد يفتح الباب أمام تحولات عميقة في موازين القوى الإقليمية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق