أخبار العالمإفريقيا

الجزائر والنيجر تستأنفان الحوار وسط تحولات استراتيجية معقدة في الساحل

بدأت الجزائر والنيجر مساراً جديداً للحوار بعد أكثر من عام من التوتر الدبلوماسي، الذي تفجّر عقب انقلاب يوليو 2023 الذي أطاح بالرئيس محمد بازوم، وما تبعه من خلافات متشابكة بين البلدين، شملت قضايا أمنية وإنسانية وسياسية. وتأتي هذه الخطوة وسط تحولات إقليمية معقدة في منطقة الساحل، حيث تعيد القوى الدولية والمحلية رسم تحالفاتها في مواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية.

ملفات اقتصادية في قلب الحوار

زار وزير البترول النيجري صحابي عومار الجزائر، حيث أجرى محادثات مع المسؤولين الجزائريين حول مشاريع استراتيجية، أبرزها أنبوب الغاز العابر للصحراء الذي يربط نيجيريا بأوروبا عبر النيجر والجزائر، وهو مشروع استراتيجي تحاول الجزائر إعادته إلى الواجهة لمنافسة مشاريع الغاز الأفريقية المدعومة من أوروبا. كما تطرقت المباحثات إلى استثمارات شركة “سوناطراك” الجزائرية في قطاع النفط النيجري، بالإضافة إلى خطط لإنشاء مصفاة للنفط ومركب بتروكيماوي في منطقة دوسو، مع التركيز على تطوير القدرات البشرية في قطاع الطاقة.

ورغم أن المبادلات التجارية بين البلدين لم تتجاوز 600 مليون دولار في أفضل الحالات عام 2022، فإن الجزائر تسعى إلى توسيع نفوذها الاقتصادي في منطقة الساحل، مستفيدة من غياب التأثير الفرنسي المتراجع، ومن التغيرات في خارطة النفوذ الدولي هناك.

الخلافات العالقة: الهجرة وفاغنر والتوجهات الإقليمية

إلى جانب القضايا الاقتصادية، ناقشت المحادثات الأزمة التي نشبت بين البلدين بسبب عمليات ترحيل المهاجرين النيجريين من الجزائر، والتي احتجت عليها نيامي بشدة، معتبرة أن المهاجرين تعرضوا “لظروف غير إنسانية”. في المقابل، ترى الجزائر أن تدفق المهاجرين غير النظاميين، الذين يصلون من 12 دولة أفريقية عبر حدود النيجر، يشكل تهديداً لأمنها الداخلي، معتبرة أن هناك “جهات خارجية” قد تكون وراء هذا الضغط الديمغرافي.

وتفاقم التوتر أكثر عندما عززت النيجر تعاونها العسكري مع مجموعة “فاغنر” الروسية، وهو ما أثار قلق الجزائر التي تخشى من تغير موازين القوى على حدودها الجنوبية الممتدة لأكثر من 900 كلم. إذ تولّت قوات “فيلق أفريقيا” التابعة لـ”فاغنر” مهام أمنية على حدود النيجر مع الجزائر، في خطوة رأتها الأخيرة محاولة لإعادة تشكيل النفوذ في الساحل بعيداً عن حساباتها الاستراتيجية.

استئناف الحوار وسط تحولات إقليمية ودولية

تأتي هذه التحركات الجزائرية في وقت تتغير فيه ملامح النفوذ في الساحل، حيث بدأت دول مثل مالي وبوركينا فاسو والنيجر في تشكيل تحالفات أمنية جديدة بعيداً عن النفوذ الفرنسي التقليدي، في حين تسعى الجزائر للحفاظ على دورها كقوة إقليمية قادرة على التأثير في التوازنات الاستراتيجية بالمنطقة.

وتشير هذه المباحثات إلى محاولة الجزائر احتواء تداعيات الأزمة، وإعادة بناء علاقاتها مع النيجر بطريقة تضمن مصالحها الاستراتيجية، خصوصاً في ظل حالة عدم الاستقرار التي تعيشها منطقة الساحل، والضغوط المتزايدة من القوى الدولية المتنافسة على الموارد والنفوذ.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق