التهديدات الحديثة تُعيد إحياء تكتيكات قديمة: وحدات خيّالة جديدة في الجيش الروسي

قسم البحوث والدراسات الاستراتجية الأمنية والعسكرية 01-10-2025
في زمن الطائرات المسيّرة والروبوتات القتالية، يبدو الحديث عن الخيول في ساحات المعارك وكأنه ارتداد إلى الماضي.
لكن الواقع الميداني يُثبت أن بعض التهديدات الحديثة تُعيد إحياء تكتيكات قديمة، كما تفعل روسيا اليوم بإعادة سلاح الفرسان إلى الخدمة الفعلية.
وحدات خيّالة جديدة في الجيش الروسي
ذكرت وسائل إعلام روسية أن وحدات خيّالة حديثة التكوين شوهدت خلال تدريبات ميدانية مع قوات الهجوم التابعة للواء التاسع للبنادق الآلية.
هذه الوحدات تستخدم خيولًا حقيقية، في مشهد يعيد إلى الأذهان صور الحروب التقليدية. لكن بدوافع تكتيكية حديثة.
المبادرة أطلقها قائد مفرزة “شتورم“
الهدف: تجاوز الألغام المغناطيسية المنتشرة في مناطق العمليات
صعوبة التضاريس وغياب الطرق الموثوقة دفعا نحو هذا الخيار
وفقًا لموقع TopWar.ru الروسي، فإن هذه الخطوة جاءت بعد فشل المركبات في التنقل الآمن في بعض المناطق الملوثة بالألغام.
لماذا الخيول؟ الحساسية والغريزة تتفوق على الآلة
بحسب التقرير فإن للخيول خاصيات مهمة ولا يمكن لأحد أن يعوضها وهي كالتالي:
- فإن الخيول تظهر حساسية فطرية تجاه الألغام، خاصة المغناطيسية منها، طالما لا ترتدي حدوة معدنية.
- كما أن قدرتها على الرؤية الليلية والتوجه الطبيعي تجعلها أكثر كفاءة في بعض البيئات من المركبات المدرعة.
- الخيول لا تدوس على الألغام المغناطيسية بسهولة
- تظهر قدرة على التنقل في الظلام والتضاريس الصعبة
- توفر وسيلة آمنة في المناطق التي تُعطّل فيها المركبات
موقع The National Interest أشار سابقًا إلى أن بعض الجيوش لا تزال تعتمد على الحيوانات في مهام الاستطلاع واللوجستيات في البيئات المعقدة.
تدريب مزدوج: الجنود والخيول معًا
لا يقتصر التدريب على الجنود، بل يشمل أيضًا تهيئة الخيول نفسيًا وميدانيًا:
- تعويدها على أصوات إطلاق النار والانفجارات
- تدريبها على الثبات في ظروف القتال
- استخدام كل حصان لحمل جنديين: أحدهما للتحكم والآخر للتغطية النارية
هذا النموذج يعزز القدرة على الحركة والبقاء في مناطق يصعب فيها استخدام المركبات أو الطائرات المسيّرة.
السياق العالمي: الخيول لم تغب عن الجيوش الحديثة
رغم التقدم التكنولوجي، لا تزال بعض الدول تحتفظ بوحدات خيالة لأغراض خاصة:
- بولندا: دوريات خيالة على حدودها مع بيلاروسيا بسبب المستنقعات
- الولايات المتحدة وألمانيا والصين وتشيلي: وحدات خيالة للاستطلاع والعمليات الخاصة
- الهند: استخدام البغال والخيول في المناطق الجبلية على الحدود مع الصين
موقع Military.com أشار إلى أن ” الخيول لا تزال تستخدم في العمليات الخاصة حيث تكون المركبات غير عملية أو غير مرغوبة لأسباب تكتيكية “.
حين يعيد الماضي تشكيل الحاضر
عودة الخيول إلى ساحة المعركة ليست مجرد لفتة رمزية، بل استجابة واقعية لقيود التكنولوجيا في بيئات معينة.
وفي عالم تتغير فيه طبيعة التهديدات، تثبت الجيوش أن التكيف هو مفتاح البقاء، حتى لو كان ذلك عبر أدوات عمرها قرون.
الخيول لا تقاتل الماضي، بل تُواجه المستقبل بأسلوب مختلف.
روسيا تحوّل مركبات Desertcross الصينية إلى روبوتات قتالية: تكتيك جديد لتقليل الخسائر
المركبات المدنية، مثل عربات الطرق الوعرة، يمكن أن تتحول إلى أدوات قتالية فعالة، تُقلّل من تعرض الجنود وتعزز القدرة على المناورة في بيئات خطرة.
منصة Desertcross 1000-3: من الترفيه إلى المهام العسكرية
تستخدم مركبة Desertcross 1000-3، وهي مركبة صينية متعددة الاستخدامات، في مشروع روسي لتحويلها إلى نظام مدّ كابلات ألياف بصرية يتم التحكم فيه عن بُعد.
المركبة رباعية الدفع بمحرك بنزين بقوة 72 حصانًا
خزان وقود بسعة 50 لترًا
وزن إجمالي 916 كغ، وحمولة تصل إلى 300 كغ
كانت تسوّق كعربة جولف ومركبة سياحية، لكنها تخضع لتعديلات واسعة النطاق
وفقًا لموقع Army Recognition، فإن المركبة تستخدم الآن في مهام لوجستية وهجومية. بعد تكييفها لتلائم ظروف الحرب.
الهدف الرئيسي من المشروع:
1- هو تقليل تعرض قوات الإشارة للخطر أثناء مدّ خطوط الاتصالات في مناطق المواجهة.
2- النظام المعدّل يمكنه مدّ ما يصل إلى 5 كيلومترات من كابلات الألياف البصرية عبر تضاريس متنوعة.
3- يدار عن بعد لتجنب نيران المدفعية والطائرات المسيّرة
4- يستخدم مكونات تجارية وتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد
5- يتيح التشغيل المستقل في بيئات قتالية عالية الخطورة
موقع Defense Express أشار إلى أن هذا النوع من التكييف يمثل اتجاهًا عالميًا. في تحويل التكنولوجيا المدنية إلى أدوات عسكرية مرنة.
الاستخدامات الميدانية: من الاتصالات إلى الهجوم
لا تقتصر استخدامات Desertcross على مدّ الكابلات، بل تشمل أيضًا:
- نقل الذخائر ومدافع الهاون
- دعم العمليات اللوجستية في الخطوط الأمامية
- المشاركة في الهجمات على المواقع الأوكرانية
- العمل في بيئات يصعب فيها استخدام المركبات التقليدية
التقارير الروسية تشير إلى أن الجيش اشترى آلاف الوحدات من هذا الطراز مما يعزز الاعتماد عليه كمنصة متعددة المهام.
السياق العسكري: تكييف التكنولوجيا في ظل قيود الحرب
في ظل التحديات التي تواجهها القوات الروسية، مثل الألغام، التضاريس الصعبة ونيران العدو، يُعدّ تكييف المركبات التجارية خيارًا عمليًا:
- يقلّل من التكاليف مقارنةً بالمركبات العسكرية الثقيلة
- يتيح سرعة الإنتاج والتعديل
- يعزز القدرة على الانتشار في المناطق الوعرة
موقع The War Zone وصف هذه الاستراتيجية بأنها “تحوّل تكتيكي ذكي في ظل حرب استنزاف طويلة”.
فتحويل مركبة صينية مدنية إلى روبوت قتالي ليس مجرد ابتكار تقني، بل هو انعكاس لطبيعة الحرب الحديثة، حيث يعاد تعريف كل أداة وكل منصة وفقًا للظروف الميدانية.
وفي مواجهة التهديدات المتزايدة، تثبت روسيا أن التكيف السريع قد يكون أكثر فاعلية من التعقيد التكنولوجي.