التسابق نحو رئاسة الحكومة في ليبيا ينطلق
ليبيا-24-4-2024
تعاني ليبيا انقساما سياسيا حادا تسبب في انقسام مؤسسات الدولة السيادية على نفسها تباعا بين إدارتين وكذلك حكومتين غرب البلاد وشرقها، وذلك منذ تسليم السلطة بين المؤتمر الوطني العام (أول برلمان منتخب بعد ثورة 17 فبراير) ومجلس النواب في أغسطس/ 2014، ولايزال ذلك الوضع المقسّم قائما، فماراتون اللقاءات والمفاوضات سواءً بين دول الجوار الليبي أو إقليميا وحتى أفريقيا لم يدفع بتنفيذ الحلول التي اقترحت على مدار سنوات من المحاولة لبسط الاستقرار السياسي وخاصة الأمن لاعتبار أن المأزق الليبي “أمني ” قبل ان يكون سياسي، فانتشار الفصائل المسلحة والمليشيات المستقدمة من سوريا والشيشان وتونس وغيرهم من الدول لن يكون من السهل إخراجها، فالعملية وفق الأمم المتحدة تتطلب جهودا أفريقية وإقليمية ودولية متناسقة.
ولم يكن دخول بعثة الأمم المتحدة للدعم إلى ليبيا مؤثرا، فالعشرة مبعوثين أعلنوا جميعهم مع الاستقالة ” العجز” عن حلحلة هذا النزاع الذي وصفه آخرهم عبد الله باتيلي، ب”المعقّد”، واصفا القادة الليبيون ب الاناننين، منتقدا تحجّر مواقفهم في الرغبة بعناد لتأجيل الانتخابات غير مكترثين للمصلحة الليبية .
واليوم تتسابق العديد من الشخصيات السياسية الليبية ل”رئاسة الحكومة”، حيث أُعلن بدء إيداع الملفات في مجلس النواب بحسب الشروط التي وضعها البرلمان.
وعلّق المحلل السياسي الليبي، علي مصباح، في حديث مع صحيفة ستراتيجيا نيوز، أنّ تقديم الترشحات في جوّ سياسي مشحون وتجاذبات حول السلطة لا معنى له، لافتا إلى انّ المأساة الليبية لن تنتهي برئيس حكومة جديد وفريق حكومي، بل يحتاج الوضع لاتفاق وتوافق كلّي تشرف عليه الامم المتحدة بتعيين شخصية موحدة تمثّل كل الجغرافيا الليبية وتنكب عن العمل للاستعداد للانتخابات التي يجب أن تتم في أقرب فرصة ولا تُؤجل.
واعتبر محدثنا ان سيناريوهات تأجيل الانتخابات فتحت باب التأويلات ،” ليبيا الأن بحاجة للتوحيد لا التقسيم وشعبها فقط قادر على تقرير مصيره بيده بعيدا عن كل التدخلات التي أرهقت البلد ودمرته”.
وأفاد المحلل السياسي، بأنّ أبرز الشروط الـ 13 للترشح لتولي رئاسة الحكومة، التي حددها البرلمان تتمثّل في التعهد بعدم الترشح للانتخابات المقبلة، إلى جانب ضرورة حصول المترشح على تزكية 25 نائباً من مجلس النواب، وعدم حمله جنسية أجنبية.
وأكد أنّ النزاع بات بين طرفين أحدهما يدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية لإنهاء المراحل الانتقالية بشكل نهائي، والآخر يدعو أنصاره إلى تشكيل حكومة موحدة تنهي الانقسام السياسي الحالي بين حكومتين إحداهما في الغرب والثانية في الشرق، وتكون قادرة على الإشراف على عقد الانتخابات.
و لم يصدر أي موقف رسمي من مجلس الدولة لهذه الخطوة لكن رئيسه محمد تكالة أعلن أنه ناقش مساء الاثنين مع سفير بريطانيا، مارتن لونغدن، الوضع السياسي الليبي والحلول التي قد تتم بعد استقالة المبعوث الأممي عبد الله باتيلي وتكليف نائبته.
أما حكومة الوحدة التي يقودها عبد الحميد الدبيبة فلم تعلّق بل أكدت إن اجتماعاً موسعاً احتضنته العاصمة طرابلس مع مسؤولين أوروبيين، خلص إلى ضرورة تكاتف الجهود، وتطوير الآليات والأدوات المستخدمة في التصدي لظاهرة الهجرة غير النظامية، بما يتماشى مع الظروف السياسية والأمنية الراهنة التي تشهدها منطقة الساحل الأفريقي، وما يترتب عليها من تحديات وصعوبات.
وتقول مصادر متنوعة أن الدبيبة يواصل التمسك بالسلطة ولن يتنحى إلا بالانتخابات، وهو ما سيصعد الازمة وسيخلق نفس الاشكاليات التي أدت إلى هذا الانسداد السياسي.
وضمن نفس السياق أقدم الحاكم للمصرف المركزي،الصديق الكبير، على تقديم ملف ترشحه لرئاسة الحكومة، وذلك بعد أيام قليلة من قبوله فئة الخمسين دينار الليبي المزورة، وزيادة الضريبة على العملات الأجنبية بنسبة 27%…
وبدوره يرى المحلل السياسي الليبي محمود العبيدي، في حديث مع صحيفة ستراتيجيا نيوز، أنّ المسألة الليبية اليوم لا ترتبط بالترشحات وبرئيس حكومة، بل بتوافق ونبذ للانقسامات حول الحكم، ” باتيلي إستقال بعد محاولات كثيرة نتيجة الانانية التي تُميزُ القادة، الكل يتسابقون نحو الكرسي ولم يفكر أي طرف منهم حول مستقبل ليبيا والعملية السياسية المعطلة”.
وتابع، ” ألم يتساءل هؤلاء حول مصير العملية الانتخابية المعطلة بفعل الصراع الجاف عن الكرسي، المشكل اليوم ليس في رئيس حكومة، الوضع يتطلع إلى فريق تكنوقراط بمراقبة دولية وأممية يسير بليبيا إلى الانتخابات، يذكرني تقديم المطالب بمسابقة الأغاني أو الألعاب، لسنا في ستار أكاديمي إنها دولة بلا سيادة يتفنن الغرب في استغلال ازمتها لنهبها ومزيد تقسيمها، إنها دولة ثرواتها قادرة على تحسين حال القارة السمراء لذلك يتمسكون بتقسيمها ضمن مشروع احكام السيطرة على أفريقيا ككل”.
ويسعى المواطنون اللبيون التعجيل في إجراء الانتخابات العامة وإنهاء المراحل الانتقالية، والتحذير من الطبقة السياسية التي تسعى إلى المماطلة وتعطيل إجراء هذه الانتخابات.