الاتحاد الأوروبي و«الأطلسي» يبحثان في قمة ثلاثية غير مسبوقة تعزيز الإنفاق الدفاعي وسط ضغوط ترامب
قسم الأخبار الامنية والعسكرية الدولية 03-02-2025
اجتمع قادة الاتحاد الأوروبي ورئيس الوزراء البريطاني والأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، الاثنين في بروكسل، لبحث سبل تعزيز الإنفاق الدفاعي في مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة، وفي مقدمتها الحرب الروسية في أوكرانيا، وسط ضغوط متزايدة من الرئيس الأميركي السابق والمرشح الحالي دونالد ترامب لرفع مساهمات الحلفاء العسكريين.
وتعد هذه القمة سابقة من نوعها، إذ تأتي بعد تنصيب الرئيس الأميركي السابع والأربعين، وهي المرة الأولى التي يخصص فيها اجتماع القادة الأوروبيين حصرياً لمناقشة قضايا الدفاع، والأولى التي يشارك فيها رئيس وزراء بريطاني منذ خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي.
ضغوط ترامب وتحديات التمويل العسكري
منذ اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا قبل نحو ثلاث سنوات، رفعت الدول الأوروبية إنفاقها الدفاعي بشكل ملحوظ، لكن القادة الأوروبيين يعترفون بأن جهود إعادة التسلح لا تزال غير كافية لمواجهة التهديدات المتزايدة. وتصاعدت المخاوف من احتمال توسع النزاع الروسي ليشمل دولاً أخرى، مما دفع الدول الأوروبية إلى تكثيف التنسيق بشأن استراتيجياتها الدفاعية.
ويتزامن الاجتماع مع تهديدات ترامب المتكررة بسحب الدعم الأميركي إذا لم تضاعف الدول الأوروبية إنفاقها الدفاعي، مطالباً برفعه إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو هدف يعتبره كثيرون غير واقعي في ظل الأعباء المالية والاقتصادية التي تواجهها أوروبا. كما أثارت وعود ترامب بإنهاء الحرب في أوكرانيا سريعاً قلق القادة الأوروبيين من احتمال أن يضغط على كييف للقبول بتسوية غير مواتية.
استثمارات ضخمة وخلافات حول آلية التمويل
قدّرت بروكسل أن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى ضخ 500 مليار يورو إضافية في القطاع الدفاعي خلال العقد المقبل. وفي هذا السياق، دعت 19 دولة، من بينها فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، بنك الاستثمار الأوروبي إلى توفير مزيد من التمويل لدعم إعادة التسلح. ومع ذلك، لا يزال هناك انقسام حول كيفية توزيع الأعباء المالية وضمان تحقيق الاستقلالية الدفاعية الأوروبية دون الاعتماد المفرط على الولايات المتحدة.
وفي رسالة واضحة إلى موسكو، شدد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، وفق بيان صادر عن مكتبه في داونينغ ستريت، على أن أوروبا يجب أن «تضاعف جهودها لسحق آلة الحرب الروسية»، مؤكداً أن الاقتصاد الروسي بدأ يُظهر علامات ضعف، مما يفرض على الدول الغربية تسريع دعمها العسكري لأوكرانيا.
إلى جانب القضايا الدفاعية، يهدد الاجتماع أيضاً بفتح جبهة تجارية جديدة بين واشنطن وبروكسل، خاصة في ظل تصعيد ترامب للرسوم الجمركية على المنتجات الكندية والمكسيكية والصينية، مع تلويحه باتخاذ خطوات مماثلة ضد الاتحاد الأوروبي، ما دفع بروكسل للتحذير من ردود فعل «حازمة» في حال تعرضها لإجراءات تجارية غير عادلة.
نقاش أوروبي حول تسريع التسلح
رغم الإجماع على ضرورة زيادة الإنفاق الدفاعي، لا تزال هناك خلافات حادة حول الآليات المناسبة لتحقيق ذلك. وأوضح مسؤول أوروبي أن «السؤال لم يعد حول ما إذا كان يجب زيادة الإنفاق، بل حول كيفية تحقيق ذلك بطريقة فعالة ومستدامة».
ومع تصاعد التهديدات الأمنية والاضطرابات الجيوسياسية، يبدو أن أوروبا أمام مفترق طرق حاسم، إذ تجد نفسها مضطرة إلى إعادة هيكلة استراتيجيتها الدفاعية بشكل أكثر استقلالية، في ظل مستقبل غير مؤكد للعلاقات مع الولايات المتحدة.