اغتيال قادة حزب الله وتأثيره على بنيته وأدائه العسكري
قسم البحوث والدراسات الاستراتجية الأمنية والعسكرية 01-10-2024
إعداد : زينب عقيل باحثة في علوم الإعلام والاتصال
بعد سلسلة من الهجمات الإسرائيلية المتتالية وعلى رأسها استهداف الأمين العام لحزب الله الشهيد القائد السيد حسن نصر الله والقادة البارزين في الحزب، بهدف إضعاف المقاومة تمهيدًا لهجوم بري، يبرز السؤال الأهم:
ما هو تأثير الهجمات المتتالية على حزب الله باعتبارها ضربات عمودية في بنيته التنظيمية؟
وهل تنعكس على أدائه العسكري كما فكّر العدوّ بالتمني؟
الواقع أن فهم التأثيرات على الأداء العسكري يجب أن تُفهم ضمن إطار “المرونة العسكرية والتنظيمية”. والتي تتجلى في قدرته على التكيف مع الظروف المتغيرة في ميدان القتال، وفي البنية اللامركزية التي تجعل قواته قادرة على الاستمرار حتى في حالة فقدان القادة الرئيسيين ويمكن تفصيلها على الشكل التالي:
التنظيم اللامركزي:
يعتمد حزب الله على خلايا عسكرية تعمل بمرونة كبيرة، بحيث تكون كل خلية قادرة على اتخاذ قرارات تكتيكية بشكل مستقل بناءً على الوضع الميداني. ما يمنع تعطيل قدرة الحزب على القتال حتى في حالة استهداف قادته.
ثمة مستوى آخر في التنظيم اللامركزي وهو وجود قادة على مستويات محلية متعددة، يمتلك الحزب القدرة على استبدال أي قيادة مفقودة بسرعة، ما يقلل من الاعتماد على القيادة المركزية.
استراتيجية حرب العصابات:
تعتمد الوحدات المقاتلة على سرعة التحرك وقدرتها على التخفي واستخدام التضاريس لصالحها. هذا يجعل من الصعب على جيش الاحتلال ضرب مواقع الحزب أو القضاء على قواته إلا بشكل عرضي.
يمكن لحزب الله التحول من الدفاع إلى الهجوم بناءً على الوضع الميداني، مع استخدام تكتيكات متنوعة مثل الكمائن، الهجمات المفاجئة، وحرب العصابات. هذا التكيف السريع يتيح له استيعاب الهجمات المتتالية مع الاستمرار في المقاومة.
الدعم اللوجستي والشبكات المتعددة:
يتمتع حزب الله بشبكات لوجستية معقدة تسمح له بالحصول على الأسلحة والإمدادات بسرعة حتى في حال انقطاع بعض خطوط الإمداد. هذه المرونة اللوجستية تعزز استدامته العسكرية.
القدرة على امتصاص الهجمات:
طوّر حزب الله دفاعات متعددة الطبقات تشمل الأنفاق المحصنة والتحصينات تحت الأرض، ما يتيح له امتصاص الهجمات الجوية والبرية بشكل فعال دون تعرض بنيته الأساسية للانهيار.
الرغبة في الثأر:
ثمة تأثيرات متعددة على عقيدة القتال لدى التنظيمات العقائدية والمعتدى عليها وعلى رأسها الرغبة في الثأر. تعزز هذه الرغبة من الروح المعنوية في صفوف حزب الله بدلًا من إضعافها كما اعتقد العدوّ، وتدفع إلى زيادة الاستعداد للتضحية وتبني تكتيكات هجومية أكثر جرأة. كما تساهم في تحقيق التفاف أكبر حول أهداف الحزب.
التماسك الداخلي:
في هذه الظروف، حيث يبدو الخطر الوجودي حقيقيًا على حركة مقاومة معينة، تم اغتيال قادة الصف الأول منها ويتم تهديد كل انجازاتها السابقة والوعيد بالقضاء عليها، فإن ذلك سيؤدي إلى تقوية وحدة الصفوف وحشد المقاتلين حول هدف الحفاظ على الوجود، والاستمرار بثقة بسبب الانجازات السابقة، والثأر لقادتهم، وهو الأمر الذي يعزز أيضًا سلاح العقيدة القتالية التي لا يملكها العدوّ، وبسببها خسر الميدان بنسبة كبيرة في حرب تموز عام 2006.
الهجمات الانتقامية كعامل نفسي:
يدرك العدو الاسرائيلي أن استهداف قيادات حزب الله سيُحتّم هجمات انتقامية قوية، مما يخلق حالة من الحذر الدائم ويستنزف جيش الاحتلال.
هذه المرونة العسكرية والتنظيمية تجعل حزب الله قادرًا على التكّيف مع التحديات الميدانية المختلفة والحفاظ على قدرته القتالية حتى في أسوأ الظروف العسكرية، ما يضعه في موقع قوي لاستمرار المقاومة على المدى الطويل. كما أن الرغبة في الثأر والانتقام لها تأثيرات جوهرية على العقيدة القتالية يعطي حزب الله تفوقًا في سلاح أساسي وهو العامل النفسي لدى المقاتلين. بالإضافة إلى التفوق في المرونة والجغرافيا.