أخبار العالمأمريكا

استراتيجية ترمب للأمن القومي: تحول جذري يضع المكاسب الاقتصادية قبل الالتزامات التقليدية

تقدم استراتيجية الأمن القومي للرئيس الأميركي دونالد ترمب انعطافاً جذرياً في التفكير الاستراتيجي للولايات المتحدة، حيث ألغت أولويات سابقة ووضعت الاقتصاد والمصالح الداخلية في صدارة الحسابات، مقابل إعادة تقييم أدوار الحلفاء والالتزامات الدولية التقليدية. وتُشير هذه الاستراتيجية إلى اعتماد مبدأ الإكراه (Coercion) لتحقيق مكاسب اقتصادية، عبر التهديد بالقوة العسكرية، دون خطوط حمراء محددة، وهو ما قد يفتح الباب أمام إعادة التموقع الأميركي في مناطق عدة حول العالم.

تركز الوثيقة على المحيط المباشر للولايات المتحدة، يليها آسيا بوصفها ساحة المنافسة الكبرى مع الصين، بينما تراجعت أوروبا إلى المرتبة الثالثة، متأرجحة مع الشرق الأوسط. هذا التحول يعكس إلغاء الماضي الاستراتيجي الذي كان يُحدد أوروبا كأولوية منذ الحرب الباردة، وتحويل الانتباه نحو ديناميكيات القوى في آسيا والمحيط الهادئ، خصوصاً ما يتعلق بالصين وخط الجزر الأول (First Chain Island)، لضمان حرية الملاحة وحماية تايوان من أي اختراق محتمل.

في الشق الأوروبي، تطرح الاستراتيجية تساؤلات حول مستقبل حلف الناتو والقوات الأميركية المنتشرة هناك، ومصداقية الضمانات النووية الممنوحة للحلفاء، في ظل تركيز ترمب على أن تكون أوروبا مسؤولة عن تكلفة أمنها. أما الشرق الأوسط، فيتم النظر إليه بوصفه منطقة غير مستقرة، لكن ليس بالأولوية المطلقة مقارنة بالتركيز الاقتصادي والمحيط الآسيوي.

تعكس هذه الاستراتيجية أيضًا شخصية ترمب وطابعه العملي المباشر، الذي يختصر السياسات المعقدة عبر الإعلان المباشر، ويستعين بمستشارين من رجال الأعمال، مع تقييم النجاح وفقًا لمدى العائد الاقتصادي والسيطرة على الموارد العسكرية والسياسية. وهي بذلك تؤسس لمراحل انتقالية قد تشهد صراعات مؤقتة واستغلالاً من اللاعبين الإقليميين لفرض وقائع جديدة في محيطهم، وسط غياب التوازن التقليدي الذي اعتاد العالم عليه منذ عقود.

باختصار، استراتيجية ترمب تمثل إلغاء الماضي وفرض ديناميكية جديدة على النظام الدولي، حيث تصبح المصالح الاقتصادية والسيادة الأميركية هما المعيار الأساسي، في مواجهة حلفاء قد يُعاد تقييمهم، وأعداء يُنظر إليهم عبر أبعاد اقتصادية وأمنية متشابكة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق